فصل: (سورة غافر: الآيات 30- 35):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الإعراب:

{وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ} كلام مستأنف مسوق لإيراد الحل الملائم للعقدة القصصية بعد أن عاذ موسى بربه ليكفيه شر هذا اللعين. وقال رجل فعل ماض وفاعل ومؤمن نعت لرجل ومن آل فرعون نعت ثان إن كان الرجل قبطيا والتقدير وقال رجل مؤمن منسوب من آل فرعون وإن كان الرجل إسرائيليا فمن متعلقة بيكتم في موضع المفعول الثاني ليكتم والأول أرجح، وجملة يكتم إيمانه صفة ثالثة لرجل وسيأتي مزيد بحث عن هذا الرجل والإعراب في باب الفوائد.
{أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ} الهمزة للاستفهام الانكاري وتقتلون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل ورجلا مفعول به وأن وما في حيزها في محل نصب مفعول لأجله أي لأجل هذا القول من غير روية وتدبر وتأمل، وأجاز الزمخشري أن يكون ظرفا على تقدير مضاف أي وقت أن يقول، وردّ المعربون ذلك بأنه لا يجوز أن يطرد هذا التقدير في المصدر المؤول قالوا: إن ذلك إنما يكون مع المصدر المصرح به نحو جئتك مقدم الحاج وخفوق النجم لامع المقدر فلا تقول أجيئك أن يصيح الديك تريد وقت صياحه، وسيرد مزيد بحث في هذا الموضوع في باب الفوائد. وربي مبتدأ واللّه خبره أو بالعكس والجملة مقول القول والواو حالية وقد حرف تحقيق وجاءكم فعل ماض وفاعل مستتر تقديره هو والكاف مفعول به وبالبينات متعلقان بجاءكم ومن ربكم في موضع نصب على الحال.
{وَإِنْ يَكُ كاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} الواو عاطفة وإن شرطية ويك فعل الشرط وعلامة جزمه السكون المقدر على النون المحذوفة للتخفيف واسمها ضمير مستتر تقديره هو وكاذبا خبرها، فعليه الفاء رابطة لجواب الشرط وعليه خبر مقدم وكذبه مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط وجملة إن يك صادقا يصيبكم بعض الذي يعدكم عطف على الجملة السابقة، وبعض فاعل يصيبكم وجملة يعدكم صلة.
{إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} أن واسمها وجملة لا يهدي خبرها ومن مفعول به وهو مبتدأ ومسرف خبر وكذاب خبر ثان والجملة صلة من.
{يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ} هذا من تتمة كلام الرجل المؤمن ويا حرف نداء وقوم منادى مضاف لياء المتكلم المحذوفة ولكم خبر مقدم والملك مبتدأ مؤخر واليوم ظرف متعلق بما تعلق به الخبر وظاهرين حال من الضمير في لكم وفي الأرض متعلقان بظاهرين أي غالبين في الأرض.
{فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جاءَنا} الفاء الفصيحة ومن اسم استفهام مبتدأ وجملة ينصرنا خبر ومن بأس اللّه متعلقان بينصرنا وإن شرطية وجاءنا فعل الشرط والجواب محذوف دل عليه ما قبله أي فمن ينصرنا وفاعل جاءنا يعود على بأس اللّه.
{قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى} قال فرعون فعل وفاعل وما نافية وأريكم فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره أنا والكاف مفعول به وإلا أداة حصر وما اسم موصول مفعول أريكم وجملة أرى صلة الموصول أي ما أشير عليكم إلا بما أشير به على نفسي ولا أعلمكم إلا ما علمت.
{وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ} عطف على ما تقدم وسبيل الرشاد مفعول ثان لأهديكم أو نصب بنزع الخافض.

.البلاغة:

الكلام المنصف:
في قوله تعالى: {أتقتلون رجلا أن يقول} الآية.
الكلام المنصف وقد استوفاه الزمخشري في تحليله الممتع وسنلخص ما قاله مع تعليق يقتضيه المقام: فقد استدرجهم هذا الرجل المؤمن باستشهاده على صدق موسى عليه السلام من عند من تنسب اليه الربوبية ببينات عدة لا ببينة واحدة وأتى بها معرفة ليلين بذلك جماحهم ويكسر من سورتهم ثم أخذهم بالاحتجاج بطريق التقسيم فقال لا يخلو أن يكون صادقا أو كاذبا فإن يك كاذبا فضرر كذبه عائد عليه أو صادقا فأنتم مستهدفون لإصابتكم ببعض ما يعدكم به وإنما ذكر بعض مع تقدير أنه نبي صادق والنبي صادق في جميع ما يعد به لأنه سلك معهم طريق المناصحة لهم والمداراة فجاء بما هو أقرب إلى تسليمهم وأدخل في تصديقهم له ليسمعوا منه، فهضمه بعض حقه في ظاهر الكلام ليريهم أنه لم يتكلم كلام المتعصب له، المتحيز إلى جانبه وكذلك قدم الكاذب على الصادق لهذا الغرض، ويشبه موقف هذا الرجل المؤمن إلى حد بعيد موقف أبي بكر فقد طاف عليه الصلاة والسلام بالبيت فلقوه فأخذوا بمجامع ردائه وقالوا أنت الذي تنهانا عما كان يعبد آباؤنا؟ فقال عليه السلام: أنا ذلك فجاء أبو بكر فالتزمه وقال: أتقتلون رجلا أن يقول ربي اللّه وقد جاءكم بالبينات من ربكم رافعا صوته وعيناه تسفحان حتى أرسلوه.

.الفوائد:

قد يجعل المصدر ظرفا:
قد يجعل المصدر حينا لسعة الكلام فيقال كان ذلك مقدم الحاج وخفوق النجم بمعنى مغيبه وخلافة فلان وصلاة العصر ومنه سير عليه ترويحتين وانتظر به نحر جزورين وقوله تعالى: {وادبار النجوم} وإنما يفعلون ذلك توسعا وإيجازا: فالتوسع بجعل المصدر حينا وليس من أسماء الزمان، والإيجاز الاختصار بحذف المضاف إذ التقدير في قولك خفوق النجم وصلاة العصر وقت خفوق النجم ووقت صلاة العصر فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، واختص هذا التوسع بالأحداث لأنها منقضية كالأزمنة وليست ثابتة كالأعيان فجاز جعل وجودها وانقضائها أوقاتا للأفعال وظروفا لها كأسماء الزمان ومعنى سير عليه ترويحتين زمن ترويحتين ومعنى وانتظر به نحر جزورين أي زمن نحر جزورين والمراد مدة هذا الزمن، والترويحتين تثنية الترويحة واحدة التراويح في الصلاة يقال صلى ترويحتين وصلى خمس ترويحات وهي أزمنة موقتة تقع في جواب متى من حيث هي موقتة فيقال متى سير عليه فيقال خفوق النجم ومقدم الحاج وصلاة العصر وتقع في جواب كم من حيث كانت مدة معلومة فإذا قيل كم سير عليه جاز أن يكون جوابه مقدم الحاج وخلافة فلان إن شئت رفعته بفعل ما لم يسم فاعله وإن شئت نصبته على الظرف كل ذلك عربي جيد، فأما قوله: {وادبار النجوم} قرئ بكسر الهمزة وفتحها فمن كسر كانت مصدرا جعل حينا توسعا فهو من باب خفوق النجم ومقدم الحاج ومن فتح الهمزة كانت جمع دبر على حد قفل وأقفال أو دبر على طنب وأطناب وقد استعمل ذلك ظرفا كقولك: جئتك في دبر كل صلاة وفي أدبار الصلوات، قال الشاعر:
على دبر الشهر الحرام بأرضنا ** وما حولها جدّت عليه سنون تلمّع

فقراءة من كسر الهمزة أدخل في الظرفية في قراءة من فتح ولذلك يقل ظهور في مع المكسورة بخلاف من فتح.

.[سورة غافر: الآيات 30- 35]:

{وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبادِ (31) وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (33) وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ (34) الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)}.

.الإعراب:

{وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ} الواو عاطفة وقال الذي آمن فعل ماض وفاعل وجملة آمن صلة وهو الذي قال: أتقتلون رجلا إلخ. ويا حرف نداء وقوم منادى مضاف لياء المتكلم المحذوفة وإن واسمها وجملة أخاف خبر وعليكم متعلقان بأخاف ومثل مفعول به ويوم الأحزاب مضاف اليه.
{مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ} مثل عطف بيان أو بدل لمثل الأول ودأب مضاف إليه ولابد من تقدير مضاف محذوف أي مثل جزاء وعادة من كفر قبلكم من تعذيبهم في الدنيا وما بعده عطف عليه ومن بعدهم صلة الموصول.
{وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبادِ} الواو عاطفة وما نافية حجازية ولفظ الجلالة اسمها وجملة يريد خبرها وظلما مفعول به والعباد نعت لظلما يعني أن تدميرهم كان استحقاقا بما اجترحوه واقترفوه من آثام.
{وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ} عطف على إني أخاف ويوم التناد مفعول أخاف وهو يوم القيامة والتناد بحذف الياء وإثباتها في كل من الوصل والوقف وذلك لفظا أما خطا فهي محذوفة وقد تقدم في الأعراف أنه يكثر في ذلك اليوم العصيب نداء أصحاب الجنة النار وبالعكس والنداء بالسعادة لأهلها وبالشقاوة لأهلها.
{يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ} يوم بدل من يوم الأول وجملة تولون في محل جر بإضافة الظرف إليها ومدبرين حال وما نافية حجازية ولكم خبرها المقدم ومن اللّه متعلقان بعاصم ومن حرف جر زائد وعاصم اسم ما والجملة في محل نصب على الحال ولك أن تهمل ما لتقدم خبرها ومن يضلل اللّه فما له من هاد تقدم إعرابها بنصها قريبا فجدد به عهدا.
{وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ} كلام معطوف على ما تقدم لأنه من تمام وعظ مؤمن آل فرعون ذكّرهم بعتو آبائهم على الأنبياء وقيل هو من كلام موسى فيكون مستأنفا. واللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق وجاءكم يوسف فعل ماض ومفعول به وفاعل ومن قبل متعلقان بمحذوف حال أي من قبل موسى فبناء الظرف على الضم لأن المضاف اليه منوي معناه وبالبينات متعلقان بجاءكم.
{فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ} الفاء عاطفة وما زلتم فعل ماض وناقص والتاء اسمها وفي شك خبرها ومما صفة لشك وجملة جاءكم صلة وبه متعلقان بجاءكم.
{حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا} حتى حرف غاية لقوله ما زلتم وإذا ظرف متضمن معنى الشرط وجملة هلك في محل جر بإضافة الظرف إليها وجملة قلتم لا محل لها لأنها جواب إذ ولن حرف نفي ونصب واستقبال ويبعث فعل مضارع منصوب بلن ولفظ الجلالة فاعل ومن بعده حال ورسولا مفعولا به.
{كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ} كذلك نعت لمصدر محذوف وقد تقدم كثيرا ويضلل اللّه فعل مضارع وفاعل ومن مفعول به وهو مبتدأ ومسرف مرتاب خبران له والجملة الاسمية صلة.
{الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} هذه الآية شغلت المعربين كثيرا وتشعبت أقوالهم فيها وأوصل السمين أوجه الاعراب فيها إلى عشرة مما يضيع القارئ في متاهاته ولعل أولاها بالذكر وأقربها إلى المعقول ما ذكره أبو حيان قال ما نصه: والأولى في إعراب هذا الكلام أن يكون الذين مبتدأ وخبره كبر والفاعل ضمير المصدر المفهوم من يجادلون وهذه الصفة موجودة في فرعون وقومه ويكون الواعظ لهم قد عدل عن مخاطبتهم إلى الاسم الغائب لحسن محاورته لهم واستجلاب قلوبهم وأبرز ذلك في صورة تذكرهم فلم يخصهم بالخطاب وفي قوله كبر ضرب من التعجب والاستعظام لجدالهم.
ونورد فيما يلي الاعراب الذي اختاره الزمخشري قال: {الذين يجادلون} بدل من من هو مسرف فإن قلت: كيف جاز إبداله منه وهو جمع وذاك موحد؟ قلت لأنه لا يريد مسرفا واحدا فكأنه قال: كلّ مسرف وجاز إبداله على معنى من لا على لفظها فإن قلت فما فاعل كبر؟ قلت: ضمير من هو مسرف، فإن قلت: أما قلت هو جمع ولهذا أبدلت منه الذين يجادلون؟ قلت: بل هو جمع في المعنى وأما اللفظ فموحد فحمل البدل على معناه والضمير الراجع إليه على لفظه وليس ببدع أن يحمل على اللفظ تارة وعلى المعنى أخرى وله نظائر، ويجوز أن نرفع الذين يجادلون على الابتداء ولابد في هذا الوجه من حذف مضاف يرجع اليه الضمير في كبر تقديره جدال الذين يجادلون كبر مقتا، ويحتمل أن يكون الذين يجادلون مبتدأ وبغير سلطان أتاهم خبرا وفاعل كبر قوله كذلك أي كبر مقتا مثل ذلك الجدال ويطبع اللّه كلام مستأنف ومن قال كبر مقتا عند اللّه جدالهم فقد حذف الفاعل والفاعل لا يصح حذفه.
أما أبو البقاء فقد قال ما نصه: {الذين يجادلون} فيه أوجه أحدها أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هم الذين وهم يرجع على قوله من هو مسرف لأنه في معنى الجمع والثاني أن يكون مبتدأ والخبر يطبع اللّه والعائد محذوف أي على كل قلب متكبر منهم وكذلك خبر مبتدأ محذوف أي الأمر كذلك وما بينهما معترض مسدد والثالث أن يكون الخبر كبر مقتا أي كبر قولهم مقتا والرابع أن يكون الخبر محذوفا أي معاندون ونحو ذلك والخامس أن يكون منصوبا بإضمار أعني هذا وسنورد في باب الفوائد مناقشة سريعة لهذه الأقوال.
هذه ومقتا تمييز محول عن الفاعل أي كبر مقت جدالهم وفيما يلي عبارة السمين: {كبر مقتا} يحتمل أن يراد به التعجب والاستعظام وأن يراد به الذم كبئس وذلك أنه يجوز أن يبني فعل بضم العين مما يجوز التعجب منه ويجري مجرى نعم وبئس في جميع الأحكام وفي فاعله ستة أوجه إلى أن يقول: الثاني أنه يعود على جدالهم المفهوم من يجادلون كما تقدم إلى أن يقول: الخامس أن الفاعل ضمير يعود على ما بعده وهو التمييز نحو نعم رجلا زيد وبئس غلاما عمرو وعند اللّه ظرف لكبر وكذلك نعت لمصدر محذوف أي مثل ذلك الطبع ويطبع اللّه فعل مضارع وفاعل وعلى كل قلب متعلق بيطبع وقلب مضاف ومتكبر مضاف إليه أي على كل قلب شخص متكبر وجبار نعت ثان.

.الفوائد:

1- مناقشة قيمة:
ذكر الزمخشري أن من في {من هو مسرف} عوملت معاملة لفظها من بعد معاملة معناها وقد استغرب أهل العربية هذا لأن فيه إبهاما بعد إيضاح وهذا غير لائق ببيان القرآن لأن البلاغيين يرون العكس والصواب أن يجعل الضمير في قوله كبر راجعا إلى مصدر الفعل المتقدم وهو قوله يجادلون تقديره كبر جدالهم مقتا ويجعل الذين مبتدأ على تأويل حذف المضاف تقديره جدال الذين يجادلون في آيات اللّه والضمير في قوله كبر مقتا عائد إلى الجدال المحذوف والجملة مبتدأ وخبر ومثله في حذف المصدر المضاف وبناء الكلام عليه قوله تعالى: {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باللّه} على أحد تأويله ومثله كثير.
2- كل قلب:
كل لعموم الضلال جمع القلب لا لعموم القلوب أي شملت الضلالة جميع أجزاء القلب فلم يبق فيه محل للاهتداء والمعروف أن كلّا إذا دخلت على نكرة مطلقا أو على معرفة مجموعة تكون لعموم الأفراد وإذا دخلت على معرفة مفردة تكون لعموم الأجزاء وهنا عوملت الإضافة غير المحضة معاملة الإضافة المحضة.